يتميز قطاع المطاعم والمقاهي بشدة التنافس بين العلامات التجارية المحلية والعالمية، مما يتطلب عمل دراسة جدوى دقيقة قبل الدخول في مشروع مطعم أو سلسلة مطاعم، خاصة وأن القطاع يعتبر جذاباً لكثير من رواد الأعمال.
وتشمل دراسة جدوى المطاعم تخطيطاً يشمل جميع الجوانب التشغيلية والمالية والقانونية، إذ تُستخدم دراسة الجدوى كأداة تحليلية شاملة لتقييم مدى قابلية تنفيذ فكرة المشروع وتحقيق العائد المتوقع، كما أنها تقلل من المخاطر وتكشف عن فجوات السوق والتحديات المحتملة. ومن خلال عمل دراسة جدوى واضحة للمطعم أو المقهى، يمكن اتخاذ قرارات استراتيجية مدروسة بشأن الاستمرار في المشروع أو تعديله أو تطويره أو التراجع عن فكرة.
ومن ناحية أخرى، يُعتبر الذكاء الاصطناعي التوليدي (GenAI) أداة استراتيجية تقود عملية التخطيط عبر إنشاء خارطة طريق تعتمد على معايير عالمية واتجاهات محلية، كما يساعد في تحليل بيانات السوق لتوقع سلوك العملاء والمنافسين، فضلاً عن توليد تقارير متخصصة لكل قسم من الدراسة، مما يوفر الوقت والجهد.
في هذا المقال، سنتعرف على كيفية إعداد دراسة جدوى دقيقة لمطعمك لضمان نجاح مشروعك، فضلاً عن كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي في كل خطوة لتسريع إعداد الدراسة.
الخطوة الأولى: تحديد نوع المطعم وخدماته
عليك أولاً تحديد نوع المطعم وما تقدمه لتحديد مسار المطعم ورسم معالم نجاحه. في هذه المرحلة، يجب دراسة عدة عوامل رئيسية ومنها:
- نوع المطعم وطبيعة الخدمة التي سيقدمها: عليك اختيار نمط مطعمك، سواء كنت ستقدم وجبات سريعة مع عدد محدود من الموظفين وأماكن جلوس بسيطة، أو مطعم عائلي يقدم تجربة تناول طعام مريحة بأسعار معتدلة وخدمة على الطاولة مع قائمة طعام متنوعة مناسبة للعائلات، أو مطعم فاخر يقدم تجربة طعام راقية جداً مع ديكور فاخر وقائمة طعام مميزة وخدمة ممتازة. يساهم اختيار النوع المناسب في توجيه استراتيجية التسويق وتصميم الديكور والخدمات المقدمة.
- تحديد نوع المطبخ والمأكولات: يشمل هذا أفكار لأنواع المأكولات والمشروبات المقدمة في المنيو، إذ يتمحور نجاح المطعم حول هوية مأكولاته. فمثلاً يمكن تحديد نوع المطبخ إذا كان إيطالي أم ياباني أم هندي أم شرقي أم مطعم نباتي، أو مطبخ يدمج عدة ثقافات. ويجب اختيار مجموعة من الأطباق التي تبرز التفرد والابتكار. من المهم أن تلاءم القائمة توجهات السوق واحتياجات المستهلكين مع مراعاة الجودة والتوازن الغذائي في اختياراتك.
- الجمهور المستهدف: يتطلب الأمر تحديد الشريحة التي يستهدفها المشروع، سواء كانوا شباب، عائلات، موظفون، سياح، نباتيون.
كيف تستفيد من تقنيات GenAI في هذه المرحلة؟
يساعدك الذكاء الاصطناعي في توليد أفكار مطاعم مبتكرة والتحقق من ملاءمة قائمة الطعام (المنيو) لأذواق العملاء، كما يساعدك في عمل العصف الذهني وإنشاء نماذج لشخصيات العملاء (customer personas) لفهم احتياجاتهم.
إقرأ المزيد: 8 أفكار منيو مبتكرة لزيادة المبيعات
الخطوة الثانية: إجراءات أبحاث السوق
قبل إطلاق أي مشروع مطعم أو مقهى، من الضروري إجراء أبحاث تفصيلية لفهم السوق المستهدف، ومعرفة سلوك العملاء فيه وتحليل المنافسين وتحديد نقاط قوتهم وضعفهم. هذه الخطوة تحدد مدى جدوى المشروع وتساعدك في اتخاذ قرارات استراتيجية مبنية على بيانات واقعية.
تحليل توجهات قطاع الأغذية وتفضيلات العملاء
يتضمن تتبع التغيرات في قطاع المطاعم وتحليل ما يجذب العملاء، يشمل ذلك تقييم الاتجاهات الحديثة مثل الوجبات الصحية والمأكولات النباتية وتجارب الطعام الفريدة. كما يتم التركيز على فهم احتياجات وتفضيلات الجمهور المستهدف من خلال استطلاعات الرأي وتحليل التعليقات من خلال الإنترنت عبر تطبيقات Google Reviews وTripadvisor مما يساعد على تصميم قوائم طعام تتماشى مع تفضيلات العملاء.
دراسة المنافسين
من ضمن دراسة جدوى المطاعم، يجب دراسة المنافسين في المنطقة المستهدفة من خلال تقييم الأسعار إذا كانت اقتصادية أم فاخرة وتحليل الموقع أو المنطقة من حيث كثافة المطاعم والازدحام، فضلاً عن تحديد نقاط القوة والضعف مثل الخدمة الممتازة والسمعة والديكور الجذاب. أما نقاط الضعف فقد تتمثل في عدم وجود ساحات انتظار والضوضاء وخيارات الطعام المحدودة.
ننصحك بزيارة المطاعم المنافسة لك كمستهلك لتجربة الخدمة مباشرة ومتابعة تقييمها على Google و TripAdvisor وكذلك مراجعة تقييمات تطبيقات التوصيل مثل طلبات وهنقرستيشن للحصول على رؤية شاملة للبيئة التنافسية.
تقدير كمية الطلبات في المنطقة المستهدفة
يمكن تقدير الطلب من خلال تحليل الكثافة السكانية وطبيعة النشاط الاقتصادي في المنطقة المستهدفة مثل منطقة أعمال أو جامعات أو مناطق سياحية، ويجب دراسة متوسطات الدخل لتحديد الفئة السعرية المناسبة للمنطقة، وكذلك قياس حركة المرور من خلال تطبيق Google Maps أو دراسات كثافة العملاء، إضافةً إلى تقييم تأثير الأحداث والفعاليات المحلية.
يمكن الحصول على بيانات دقيقة من الجهات الحكومية مثل هيئة الإحصاء واستخدام أدوات مثل Google Trends لرصد اتجاهات البحث عن المطاعم.
دور الذكاء الاصطناعي (GenAI) في تحليل المنافسين
يمكنك جمع المنافسين واستخدام خاصية البحث المُعمق (deep research) لتحليلهم ومتابعة تقييمات العملاء لهم وتحديد نقاط القوة والضعف لديهم، كما يمكن للذكاء الاصطناعي اقتراح استراتيجيات تميز فريدة لك.
الخطوة الثالثة: اختيار الموقع المناسب للمطعم
يُعتبر اختيار الموقع أحد العوامل الرئيسية التي تحدد نجاح المطعم، إذ له تأثير مباشر على حجم الإقبال، والإيرادات. ويجب أن يستند القرار إلى مجموعة دراسات تشمل حركة المرور والفئة السكانية والرؤية الواضحة والتشريعات المحلية.
إليك الجوانب الأساسية التي يجب مراعاتها في دراسة الجدوى الخاصة بمطعمك:
معايير اختيار موقع ناجح
يُعتبر حجم الكثافة السكانية في المنطقة المستهدفة سبب رئيسي لنجاح أي مطعم، إذ أن وجود عدد كبير من الأشخاص الذين يمرون يوميًا أمام الموقع يعزز احتمالية زياراتهم. وتعتبر المواقع المميزة هي المواقع القريبة من من الجامعات أو مناطق الأعمال أو المراكز التجارية أو محطات المواصلات العامة.
كما تُعد سهولة الوصول وتوافر مواقف السيارات من العوامل الحيوية، إذ يؤثر توافر مواقف سيارات قريبة أو مخصصة على راحة العملاء ويشجعهم على تكرار الزيارة للمطعم. كما يجذب الموقع الظاهر انتباه العملاء إذا تواجد المطعم في شارع أو ممر رئيسي مع وجود واجهة جذابة وإضاءة ملائمة.
ويجب أيضا دراسة التركيبة السكانية في المنطقة المختارة، إذ تساعد هذه الدراسة في تحديد طبيعة الفئة السكانية وإذا كانت هذه الفئة المستهدفة للمطعم، كما تؤثر التركيبة السكانية على نوعية الطعام والأسعار واستراتيجيات التسويق الملائمة للمطعم.
الاعتبارات القانونية والبلدية
قبل التعاقد على أي موقع، يجب التأكد من توافقه مع الأنظمة والقوانين المحلية، فضلاً عن الحصول على الرخص والتصاريح اللازمة. كما يجب التأكد من أن الموقع مصرح له بالنشاطات التجارية والمطاعم. يتعين أيضًا الالتزام بالقيود المتعلقة بالصوت أو ساعات العمل.
كيف يساعدك الذكاء الاصطناعي (GenAI) في اختيار الموقع
يحلل الذكاء الاصطناعي بيانات الحركة السكانية والنشاط التجاري والخصائص الديموغرافية، ويقارن أداء المشاريع المماثلة لتقليل المخاطر.
الخطوة الرابعة: تقدير تكاليف افتتاح وتشغيل المطاعم
تُعد دراسة التكاليف خطوة هامة عند التخطيط لإطلاق مطعم، لأنها تمكّنك من فهم الميزانية المطلوبة، وتجنبك المفاجآت، تنقسم التكاليف إلى ثلاثة فئات رئيسية:
التكاليف التأسيسية: هي المصاريف التي تدفعها مرة واحدة في بداية المشروع وتشمل تكاليف الرخص والتصاريح المطلوبة لبدء النشاط، وكذلك التكاليف العقارية مثل دفعة الإيجار المقدمة والتأمين.
كما تضم أعمال التجهيزات والتجديدات بما في ذلك تعديل المساحات الداخلية وتركيب الأرضيات وتجهيز دورات المياه والديكور والإضاءة واللافتات الخارجية، ومعدات المطبخ والخدمة مثل الأفران والثلاجات وأجهزة تحضير الطعام والطاولات والكراسي. تضم التكاليف التأسيسية نظام إدارة المطعم ونظام نقاط البيع (POS) وأي أجهزة مُكملة لهما.
التكاليف التشغيلية الشهرية: تشمل رواتب العاملين مثل الطهاة ومساعدي الطهاة والويترية وعاملي الكاشير ومدير الفرع وطاقم النظافة، فضلاً عن تكاليف المواد الخام للطعام والمشروبات، ونفقات المرافق والخدمات مثل الكهرباء والمياه والغاز واشتراك الإنترنت إلى جانب تكاليف حملات التسويق والإعلانات والنفقات التشغيلية اليومية مثل المناديل والمنظفات وأدوات التقديم.
تخصيص صندوق طوارئ: يجب أن يغطي الصندوق من 3 إلى 6 أشهر من المصروفات الثابتة ويُراعى احتساب التكاليف المخفية مثل إصلاحات الأجهزة المفاجئة وارتفاع أسعار المواد والضريبية غير المتوقعة، وتكاليف إنهاء أو استبدال عقود الموظفين.
يحميك صندوق الطوارئ من العديد من المخاطر الخاصة بافتتاح مطعم، فضلاً عن حدوث أي مشاكل طارئة أو وباء عالمي كما حدث في 2020، إذ يُعد خطوة ضرورية لتأمين استمرارية العمل.
دور الذكاء الاصطناعي (GenAI) في إدارة التكاليف
ينشىء نماذج تكلفة مخصصة، ويتوقع المصروفات، ويساعد في مقارنة الأداء المالي للمطعم بمتوسطات الصناعة، كما يحاكي نماذج التسعير ويقدم توقعات مبيعات دقيقة.
اقرأ المزيد: :كيف تنشىء ميزانية مطعم؟ وأهم الخطوات للالتزام بها
الخطوة الخامسة: توقع الإيرادات واستراتيجية التسعير
تمثل مرحلة توقع الإيرادات ووضع استراتيجية تسعير فعّالة حجر الأساس لأي مشروع ناجح في قطاع الأغذية والمشروبات، سواء كان مطعماً أو مقهى، فهي تساعد على فهم العوائد المتوقعة، وضبط الأسعار بما يضمن الربحية، كما تساعد هذه المرحلة في معرفة متى يمكن الوصول لنقطة التعادل وتحقيق الأرباح.
تضم هذه المرحلة حساب عدة مقاييس لفهم أداء المطعم وتحديد أسعار الأطباق والمشروبات.
تقدير متوسط حجم الفاتورة وعدد العملاء: يمثل متوسط حجم الفاتورة المبلغ الذي يُنفقه العميل في كل زيارة، وتتفاوت النسبة حسب المنتجات المطلوبة. فقد يتراوح المتوسط بين 60 و110 ريال في المطاعم وحوالي 30 إلى 50 ريال في المقاهي.
أما تقدير عدد العملاء اليومي، فيعتمد على عدة عوامل مثل حجم المنشأة وموقعها وحركة الزبائن والتسويق، ويمكن تقسيم اليوم إلى فترات (صباحية ومسائية) لتحديد معدل التدفق بدقة، مما يتيح حساب إجمالي المبيعات بضرب متوسط الفاتورة بعدد العملاء.
تسعير المنتجات ونسبة تكلفة الطعام/المشروبات: عند تحديد أسعار قائمة الطعام أو المشروبات، يجب مراعاة التوازن بين جذب العملاء وتحقيق هامش ربح مناسب. يُنصح بألا تتجاوز تكلفة المواد الخام نسبة 30-35% من سعر البيع، وذلك لضمان استمرارية الأرباح دون التأثير على الجودة. كما يشمل ذلك دراسة القدرة الشرائية للفئة المستهدفة ومقارنة الأسعار مع المنافسين في المنطقة.
توقع المبيعات للسنة الأولى: يعد توقع المبيعات خطوة أساسية في إعداد خطة مالية واقعية ومبنية على البيانات. هذا التوقع لا يساعد فقط في تقدير الإيرادات المحتملة، بل يوفّر أساساً دقيقاً لاتخاذ قرارات استراتيجية تتعلق بالتوظيف والمشتريات والتسويق.