تُعد رؤية السعودية 2030 لقطاع المطاعم جزءًا لا يتجزأ من خطة المملكة الطموحة لتحقيق تحول اقتصادي واجتماعي شامل بما في ذلك تنويع الاقتصاد بعيدًا عن الاعتماد على النفط، وتطوير قطاعات حيوية مثل السياحة والترفيه والضيافة، التي يشكل قطاع المطاعم والمقاهي حجر الزاوية فيها.
ومع سعي المملكة لجذب 150 مليون زائر سنويًا بحلول 2030، ورفع مساهمة السياحة في الناتج المحلي الإجمالي، مما يفتح آفاقًا واسعة لقطاعات عديدة، تبرز أهمية هذا القطاع كمحرك رئيسي لتعزيز جاذبية الوجهات السياحية والترفيهية الجديدة.
بالنظر إلى هذه التحوّلات، فإن على أصحاب المطاعم والمستثمرين والمشغّلين أن يولوا اهتمامًا بالغًا بما تتيحه رؤية 2030 من فرص وتحديات. فالنمو المتوقع في أعداد الزوّار، وتطوّر أنماط الاستهلاك، وزيادة التركيز على جودة التجربة، يعني أن المنافسة ستزداد حدة، لكن الفرص ستكون بحجم الطموح الوطني. فالمطاعم التي تواكب هذه الرؤية—من خلال الابتكار، والتحول الرقمي، وتبني معايير تشغيل عالية—لن تكون فقط أكثر قدرة على التوسع، بل مرشحة أيضًا لتكون جزءًا من قصة النجاح السعودية القادمة.
تعرف على تطورات قطاع المطاعم والمقاهي في ظل رؤية السعودية 2030، وما حققه القطاع وتأثيره في الفقرات التالية.
دور قطاع المطاعم والمقاهي في رؤية السعودية 2030
تُدرك رؤية السعودية 2030 أن تجربة الزائر أو المقيم لا تقتصر على المعالم السياحية أو الفعاليات الترفيهية فقط، بل تمتد لتشمل جودة وتنوع خيارات الطعام والشراب. لذا لم يعد قطاع المطاعم والمقاهي مجرد نشاط تجاري ثانوي، بل أصبح جزءًا أساسيًا من منظومة السياحة، والترفيه، وجودة الحياة في المملكة، فهو المكمل لكل مشروع سياحي ضخم، وكل فعالية ترفيهية عالمية.
لا يقتصر دور المطاعم والمقاهي على الجانب الاقتصادي فحسب، بل يمتد ليشمل المساهمة الاجتماعية والتنموية. فالمطاعم والمقاهي هي من أبرز القطاعات التي تخلق فرص عمل متنوعة للشباب، كما تلعب المنشآت دورًا محوريًا في التنمية الحضرية فهي تجذب الاستثمارات، وتساهم في تحويل المدن إلى مراكز جذب عالمية تستقطب الزوار والمقيمين من خلال توفير تجارب طعام فريدة ومتكاملة.
العوامل المؤثرة في سوق المطاعم في المملكة
السياحية والمشاريع العملاقة
تشهد المملكة طفرة سياحية غير مسبوقة مدفوعة برؤية السعودية 2030، تتضمن استثمارات هائلة في مشاريع عملاقة تعيد تشكيل مشهد السياحة والضيافة، منها مدينة نيوم التي تُمثل نموذجًا لأسلوب حياة مبتكر سيولد طلبًا كبيرًا على مفاهيم طعام جديدة، ومشروعات البحر الأحمر الفخمة، وكلها تتطلب بنية تحتية غذائية بمستوى عالمي.
في المقابل، تقدم بوابة الدرعية تجربة تراثية أصيلة تضم أكثر من 100 مطعم ومقهى يجمع بين الأصالة والحداثة. ومع التوسع في مشاريع أخرى. ولا تقتصر الفرص على استيعاب أعداد الزوار، بل تمتد لبناء منظومة ضيافة متكاملة من الصفر، ما يجعل الاستثمار في قطاع المطاعم والمقاهي اليوم فرصة استراتيجية حقيقية.
العلامات التجارية العالمية والمحلية
يشهد السوق السعودي نموًا ملحوظًا في دخول العلامات التجارية العالمية للمطاعم والمقاهي، مستفيدة من القوة الشرائية والتوسع المتسارع. في الوقت نفسه، تبرز مفاهيم محلية مبتكرة يقودها رواد أعمال سعوديون، تجمع بين الهوية الثقافية والحداثة. هذا التنوع يعزز التنافسية ويثري تجربة المستهلك، ويدعم أهداف رؤية 2030 في تنويع الاقتصاد وبناء قطاع ضيافة عالمي بمعايير محلية وعالمية.
الطلب على تجارب طعام متنوعة
يوجد تنوع كبير في الطلب على تجارب الطعام المختلفة، مع تزايد الإقبال على المطاعم الراقية بسبب ارتفاع الدخل ونمو السياحة الفاخرة، واستمرار شعبية مطاعم الخدمة السريعة وفود ترك لملائمتها لنمط الحياة العصري. في الوقت نفسه، تحقق المطابخ السحابية انتشارًا واسعًا بفضل مرونتها وتوافقها مع ازدهار تطبيقات التوصيل.
تأثير جيل زد على سوق المطاعم والمقاهي
يلعب جيل زد (Gen Z) دورًا في شكل المطاعم والمقاهي في المملكة. إذ أنهم يشكلون شريحة سكانية كبيرة تمثل 71% في المملكة. يعتمد هذا الجيل على وسائل التواصل الاجتماعي مثل إنستجرام وتيك توك وسناب شات لاكتشاف المطاعم ومشاركة تجاربهم. كما يبحثون عن الأصالة والمفاهيم المبتكرة التي تلامس اهتماماتهم وتتجاوز مجرد الأكل، كما يتأثرون بالمؤثرين والمراجعات الرقمية، مما يجعل إدارة السمعة الإلكترونية للمطاعم عاملًا حاسمًا في كسب هذه الفئة الكبيرة.
رؤية السعودية 2030 للمطاعم والمقاهي: فرص الاستثمار وسهولة إصدار الترخيص
ضمن رؤية 2030، شهدت المملكة تحول بيئتها الاستثمارية إلى بيئة أكثر جاذبية للعديد من القطاعات بما فيها قطاع المطاعم والمقاهي، مدفوعة بجهود حكومية لتسهيل الإجراءات وتوفير الدعم اللازم للمستثمرين المحليين والأجانب.
تسهيل الإجراءات الحكومية لقطاع المطاعم
التزامًا بتعزيز مرونة وكفاءة التعاملات الحكومية، عملت المملكة على تبسيط إجراءات التراخيص اللازمة. تهدف هذه التسهيلات إلى تقليص البيروقراطية وتسريع الموافقات وتوحيد المتطلبات بين الجهات الحكومية، مما يقلل الوقت والجهد والتكلفة على المستثمرين ورواد الأعمال، ويزيد من جاذبية السوق السعودي.
تعرف على دليل التراخيص والتصاريح اللازمة لافتتاح المطاعم في السعودية.
دعم من البرامج الحكومية
تحظى المطاعم والمقاهي بدعم حكومي كبير من خلال برامج ومؤسسات مثل”منشآت” التي تعمل على تمكين رواد الأعمال والمنشآت الصغيرة والمتوسطة عبر توفير التدريب والاستشارات والتمويل وتسهيل الوصول إلى الفرص.
في المقابل، تعمل وزارة الاستثمار من خلال مبادرة “استثمر في السعودية” على جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية، من خلال تقديم معلومات شاملة، وتسهيل إجراءات الترخيص، وتوفير حوافز تدعم نمو القطاع وتزيد من جاذبيته كمجال حيوي في الاقتصاد الوطني.
حوافز للمستثمرين الأجانب ورواد الأعمال المحليين
تعزز السعودية بيئة الاستثمار في قطاع المطاعم من خلال حوافز قوية للمستثمرين الأجانب تشمل التملك الكامل، وتسهيلات تنظيمية، ونقل الأرباح بسلاسة. بالمقابل، يحظى رواد الأعمال المحليين بدعم من “منشآت”، وتمويل ميسر، وفرص شراكة مع جهات كبرى، مما يسهم في بناء منظومة استثمارية متوازنة ومحفزة للنمو والابتكار.
مشاريع التطوير العقاري
تشهد الرياض نهضة عمرانية تركز على تطوير وجهات متكاملة للأطعمة والمشروبات. من أبرز هذه الوجهات بوليفارد رياض سيتي، الذي بات نقطة جذب يومية للزوار بأجوائه النابضة وخياراته المتنوعة، وفيا الرياض، التي تقدم تجربة فاخرة تجمع بين التسوق الراقي والمطاعم العالمية، مما يعزز مكانة الرياض كمركز للذوق والضيافة المتميزة.
التغيرات التنظيمية في الهيئات الحكومية
لوائح الهيئة العامة للغذاء والدواء: تنظم الهيئة العامة للغذاء والدواء قطاع الأطعمة والمشروبات، إذ تركز على صحة المستهلك وشفافية المعلومات. فابتداءً من 1 يوليو 2025، ألزمت الهيئة جميع المطاعم والمقاهي بعرض معلومات غذائية واضحة ضمن قوائم الطعام، تشمل السعرات الحرارية، بهدف تمكين المستهلك من اتخاذ قرارات غذائية أفضل. كما تفرض الهيئة معايير صارمة لسلامة الغذاء والنظافة، تشمل مراحل التخزين، والتحضير، والتقديم، بالإضافة إلى تدريب العاملين وإجراء تفتيشات دورية، لضمان تقديم طعام آمن وصحي يواكب تطلعات السوق المتطور.
الاستدامة وتقليل الهدر: تركز المملكة على تعزيز الاستدامة في قطاع الأطعمة والمشروبات من خلال تقليل هدر الطعام واعتماد ممارسات صديقة للبيئة مثل استخدام المكونات المحلية، تقليل البلاستيك، وتوفير الطاقة والمياه، بما يعزز كفاءة التشغيل ويجذب العملاء الواعين بيئيًا.
الضرائب والفاتورة إلكترونيًا: في إطار الشفافية المالية، تواصل المملكة تطبيق ضريبة القيمة المضافة بنسبة 15% على المطاعم والمقاهي، ما يستلزم دقة في التسعير وإصدار الفواتير والإقرارات الدورية، كما أصبح نظام الفوترة الإلكترونية إلزاميًا، وفقاً لمتطلبات هيئة الزكاة والضريبة والجمارك، مما يتطلب تكامل مع أنظمة نقاط البيع وبرنامج المحاسبي مع هذه اللوائح لضمان الامتثال وتقليل الأخطاء.
رأس المال البشري والتوطين ضمن رؤية السعودية 2030 للمطاعم والمقاهي
يُعد تطوير وتدريب العاملين وتطبيق سياسات التوطين (السعودة) من الركائز الأساسية لرؤية المملكة 2030، وينعكس هذا التوجه بقوة على قطاع المطاعم والمقاهي، الذي يُعتبر من أكبر القطاعات الموفرة لفرص العمل.
برنامج نطاقات: يُعد برنامج نطاقات من أبرز أدوات الحكومة لتوطين الوظائف في القطاع الخاص، حيث يُلزم المطاعم بتحقيق نسبة توطين لا تقل عن 40%، والمقاهي بنسبة تصل إلى 50%. ويُعد الالتزام بهذه المستهدفات ضرورياً لتفادي العقوبات والاستفادة من الحوافز الحكومية، مما يساهم في تحقيق مستهدفات رؤية 2030 عبر خفض معدل البطالة عن 3.5% وزيادة مشاركة السعوديين في سوق العمل، خصوصاً في قطاع الضيافة.
برامج التدريب والشهادات: تعمل المملكة على بناء كوادر وطنية مؤهلة في قطاع الأطعمة والمشروبات من خلال برامج تدريبية متخصصة وشهادات معتمدة تقدمها جهات حكومية مثل صندوق تنمية الموارد البشرية، تهدف إلى تأهيل الشباب بالمهارات العملية في الطهي والضيافة والإدارة، مما يدعم جهود التوطين ويعزز جودة القطاع.
التأثير على التوظيف والرواتب: تفرض برامج التوطين توجيه جهود التوظيف نحو الكفاءات الوطنية، ما قد يرفع التكاليف التشغيلية بسبب فروقات الرواتب ورسوم العمالة الوافدة. كما تتطلب هذه التحولات تكييف بيئة العمل وتكثيف التدريب لضمان دمج السعوديين بكفاءة.
الاعتماد على التكنولوجيا
تمثل التكنولوجيا ركيزة أساسية في تطوير المطاعم والمقاهي في المملكة، حيث تتسارع وتيرة التحول الرقمي لتشمل مختلف جوانب تشغيل المطاعم. يظهر ذلك في الاعتماد على أنظمة نقاط البيع السحابية التي تعمل كنظام إدارة المطعم وتساعدك في تتبع أداء المطعم في أي وقت ومن أي مكان، فضلاً عن أدوات الإدارة الذكية مثل أجهزة الطلب الذاتي وشاشة المطبخ وبرنامج جرد المخزون وغيرها.
كما يساعدك الذكاء الاصطناعي في أتمتة إدارة العمليات وتحليلات البيانات، بجانب تحسين هندسة المنيو بناءً على الطلب الفعلي وتحسين استراتيجيات الاحتفاظ بالعملاء من خلال التوصيات المخصصة.
ويشهد السوق في المملكة نمواً ملحوظاً في الاعتماد على منصات التوصيل المتكاملة وبرامج الولاء، التي تربط بين تجربة الطلب والتسويق وتعزز ولاء العملاء، مما يخلق منظومة تشغيلية متكاملة ترتكز على البيانات وتدعم النمو المستدام.
الخلاصة: قطاع المطاعم والمقاهي في قلب رؤية 2030
رؤية السعودية 2030 ليست مجرد خطة طموحة، بل هي دعوة شاملة للتحول عبر جميع القطاعات الاقتصادية والاجتماعية في المملكة. إنها خارطة طريق لإعادة صياغة المستقبل، وتضع المملكة في مصاف الدول الرائدة عالميًا في مختلف المجالات.
وفي قلب هذا التحول، يقف قطاع المطاعم والمقاهي كأحد أبرز المستفيدين والمساهمين في تحقيق أهداف الرؤية. المطاعم والمقاهي التي تتبنى الابتكار، وتوطّن خدماتها بما يتماشى مع الثقافة المحلية والأهداف الوطنية للسياحة والترفيه وجودة الحياة، هي التي ستزدهر وتحقق نموًا مستدامًا. هذا العصر الجديد يفتح أبوابًا غير مسبوقة للنمو، لذا ندعوك لاستكشاف كيف يمكن للحلول والتقنيات المتطورة أن تدعم مطعمك أو مقهاك في هذه الرحلة التحولية.
اكتشف كيف يمكن لفودكس دعم نمو مطعمك أو مقهاك في رحلته نحو تحقيق رؤية 2030.