المملكة العربية السعودية    8001000119  l  الإمارات العربية المتحدة    8003663427  l  مصر   15796 l  الكويت  22063887

قياس الراحة بالدقائق: كيف نعزز تجربة العميل باستخدام عامل الزمن؟

Enhance customer Experience

تخيل نفسك وأنت تقود سيارتك بعد يوم عمل طويل قاصداً مطعمك المفضل لطلب وجبة سريعة واستلامها من شباك السيارات؛ لتكتشف فور وصولك إلى المنزل أن الوجبة التي في الكيس ليست ما طلبته ودفعت ثمنه. تصوّر كيف ستؤثر عليك هذه التجربة. والآن، استذكر آخر مرة حظيت فيها بتجربة عميل استثنائية – كيف كان شعورك ساعتئذِ؟ 

 إن العميل السعيد بتجربته غالباً ما سيتحول إلى عميل مخلص يساعد حتماً في تعزيز إيرادات العلامة التجارية التي أسعدته وتحفيز نموها، في حين أن العميل غير السعيد سيحرص على الأرجح على عدم تكرار تجربة الشراء أو أنه لن يرغب بالتعامل مطلقاً مع ذات العلامة التجارية. فالشركات التي تجيد بناء تجربة عملاء إيجابية ترتفع عائداتها إلى بنسبة 4 إلى 8٪ عن مثيلاتها في السوق. فقد توصلت دراسة حديثة في الولايات المتحدة إلى أن 53% من المستهلكين خفضوا إنفاقهم بعد تجربة سيئة واحدة عاشوها مع إحدى الشركات، وهو ما تسبب بتكبيدها خسائر ناهزت 4,7 تريليون دولار من الإنفاق الاستهلاكي. 

وقد تتساءل، هل تجربة العملاء مهمة إلى هذا الحد؟ وهل لها ذلك التأثير الكبير على أداء الشركة؟ الجواب ببساطة، نعم! 

ماذا نعني بتجربة العملاء؟

تجربة العملاء هي انطباع العملاء عن أي علامة تجارية على امتداد فترة تعاملهم معها ابتداءً بأول اتصال إلى أن يصبحوا عملاء مخلصين. إن مبدأ تجربة العملاء المريحة هو “تقديم المعلومات الصحيحة، في الوقت المناسب، للشخص المناسب، ومن خلال المنصة المناسبة”. وبعبارة أخرى، هو تسهيل حياة العملاء من خلال توفير المعلومات التي يحتاجونها لمساعدتهم في اتخاذ قرار من خلال معاملة محسنة. 

 وتعد تجربة العميل الاستثنائية أمراً حاسماً في تحقيق النمو المستدام لأي عمل تجاري. فتجربة العملاء الإيجابية تعزز الولاء وتساعد على الاحتفاظ بالعملاء وتشجع على الترويج للعلامة التجارية. ومع وتيرة حياتنا المتسارعة علينا ألا ننسى أن القوة أصبحت متركزة في يد العملاء وليس البائعين. ويعود الفضل في ذلك إلى شبكة الويب التي وضعت بين يدي العملاء خيارات وفيرة علاوةً على الموارد اللازمة لتثقيف أنفسهم والقيام بالشراء بأنفسهم. وهو ما يجعل إنشاء تجربة عملاء استثنائية بالغ الأهمية لتحفيزهم على العودة مجدداً.

تأثير جائحة كوفيد-19

نعلم جميعاً كيف زعزع كوفيد-19 حياتنا وجعلنا أكثر عرضة للخطر وللارتياب، مما أرغم الشركات على إعادة التفكير فيما تعنيه تجربة العملاء. ولا سيِّما أثناء الأزمات، التي قد يؤدي تفاعل العملاء مع أي شركة خلالها إلى إحداث تأثير دائم على إحساسهم بالثقة. حيث سعى العديد من العملاء – في ظل العزل المفروض عليهم – إلى البحث عن شركات تلبي احتياجاتهم الجديدة مع جرعة من التعاطف والرعاية والاهتمام خلال بقائهم في المنزل. وهو ما دفع العلامات التجارية إلى تخصيص وتحسين تجربة عملائها، مع متابعة آنية للتغيرات الحاصلة في سلوكهم. إذ أصبحت أبسط الأنشطة مثل مشوار إلى البقالة صعبة إلى حد ما في مرحلة معينة، ما دفع الناس إلى الاعتماد على الخدمات الإلكترونية التي طرحتها الشركات التي تواكب التطورات بسرعة، الأمر الذي ارتفع بنسبة التفاعل الرقمي عبر الإنترنت عالمياً من 36٪ في كانون الأول/ديسمبر 2019 إلى 60٪ بحلول حزيران/يونيو 2020. 

 ليس ذلك فحسب! فيما يتعلق بالفترة الزمنية لعملية الشراء، فقد دفع التقدم التكنولوجي الحاصل العملاء إلى الانتباه إلى قيمة الوقت. كما أسهمت عادات التسوق الجديدة التي تشكلت لديهم في جعل إحساسهم بالوقت أكثر حدة مما كان عليه الأمر قبل تفشي الوباء. إذ يتوقع العملاء الآن أسرع طريقة للحصول على السلع والخدمات التي يطلبونها من خلال الاعتماد الفائق على استخدام تكنولوجيا الإنترنت وانتشار الأجهزة المحمولة بين يدي المتسوقين بما يساعد في إشباع رغباتهم في التسوق في أي وقت ومن أي مكان. وحينما أقول العملاء، فلست أقتصر هنا على جيل الألفية والذي يليه، ولكن أقصد أيضا أفراداً من شريحة كبار السن الذين شهدوا أيضاً تغيراً في عاداتهم! على سبيل المثال، نجد أن شخصاً يبلغ من العمر 65 عاماً (أو حتى أكبر من ذلك) كان معتاداً على مساعدة أحد موظفي البنوك في إنجاز الخدمات المالية، يضطر الآن بشكل مفاجئ إلى التنقل بين الخدمات والمعاملات المالية في بيئة افتراضية تماماً! فالشمولية الرقمية تصنع الأعاجيب. 

التكيُّف مع جائحة كوفيد-19

طالب العملاء بخيارات رقمية من المنزل ومنخفضة التلامس. ولسوف تستمر التجارب الرقمية في الرواج والتزايد، حتى لو تم احتواء وباء كوفيد-19، فالشركات التي تعمل بسرعة وتبدع في نموذج التوصيل لمساعدة العملاء في التعامل مع مرحلة ما بعد الجائحة بأمان وفعالية سوف تكتسب ميزة تنافسية قوية. 

ورغم أن الكثير من الشركات قد ارتقى إلى مستوى هذا التحدي، إلا أن بعضها لا يزال متعثراً. وفقاً لدراسة أجرتها شركة ماكينزي في عام 2020 حول تأثير الاستثمارات السليمة في بناء ميزة دائمة في خدمة العملاء، فإن الشركات قادرة على التكيف مع تغيرات الوباء من خلال النمو في ثلاث مجالات مختلفة: 

  1.  المشاركة: تسارعت وتيرة المشاركة الرقمية بشكل هائل وقد قامت الشركات الرائدة على وجه السرعة بالابتكار للاستعاضة عن التجارب التقليدية في المتاجر أو تكميلها. لقد أوجدت الشركات العديد من العروض الجديدة لتتماشى مع سلوكيات العملاء بدافع الضرورة أو الراحة، من قبيل توفير تجربة تسوق سهلة الاستخدام عبر الإنترنت والهاتف المحمول من خلال مواقع مخصصة للجوال بحيث يُمكن للعملاء شراء السلع بسرعة للاستلام أو التوصيل. وينبغي لتلك المواقع أن تتميز بسرعة التحميل، وأن تحتوي على عبارات إجرائية واضحة، وأن تكون سهلة التصفح. كما ينبغي لها أن تتمتع بآلية دفع سهلة حتى لا تفقد العملاء الذين يحاولون إتمام عملية الشراء. 
  2. السلامة: يجب على الشركات إدراج السلامة ضمن تجربة العملاء، على سبيل المثال ستكون إعادة النظر في التجارة اللاتلامسية لتعزيز السلامة عبر المنتجات والخدمات والعمليات بالغة الأهمية لإراحة العملاء وزيادة رضاهم. 
  3. البيانات: على الشركات أن تكون أكثر مرونة في استباق توقعات العملاء. لقد حان الوقت الآن للمسؤولين التنفيذيين للاستثمار في البيانات والتكنولوجيا والأنظمة اللازمة لتقديم تجارب عملاء استثنائية. 



كيف تؤثر تجربة العملاء على النمو

How Customer Experience Impacts Growth

والآن لا بد أنك تتساءل كيف يمكن لبناء تجربة ايجابية أن يحدث فارقاً في نمو الشركة. دعني أوفر عليك جهد التفكير: عند اعتماد استراتيجيات تجربة العملاء، تستطيع العلامات التجارية فهم وجهة نظر العملاء، وإدارة الأعمال على نحو يسهّل رحلة العميل من خلال خدمة متخصصة. ففهم التجربة الإيجابية يعني وجود عميل متكرر، والعميل المتكرر يعني المزيد من الإيرادات. هكذا تماماً تعمل الشركات على تحسين مبيعاتها وبناء قاعدة عملائها. إليك السبب: 

  • اجتذاب عميل جديد يكلف خمسة أضعاف تكلفة الاحتفاظ بعميل حالي 
  • ينفق العملاء الحاليون 31٪ أكثر من العملاء الجدد 
  • يمكن لتجربة عميل إيجابية واحدة أن تزيد من إنفاق العملاء بنسبة تصل إلى 140٪ 
  • زيادة معدلات الاحتفاظ بالعملاء بنسبة 5٪ فقط من شأنها زيادة الأرباح بما يتراوح بين 25٪ و 95٪ 

إليك مثالاً لعلامة تجارية نجحت في منح العملاء تجربة إيجابية: HubSpot! هو برنامج شامل للتسويق والمبيعات يساعد الشركات على اجتذاب الزوار وتحويل العملاء وعقد الصفقات. تنمو HubSpot بوتيرة تقارب ضعف وتيرة الشركات الرائدة في السوق مثل Salesforce و Adobe بإيرادات سنوية تبلغ 1.301 مليار دولار لعام 2021 بزيادة قدرها 47.3٪ عن عام 2020.  أحد أكثر عوامل HubSpot جاذبية في نموذج إيراداتهم هو سعيهم لإغراء عملائهم بخدمات مجانية أو بأسعار معقولة للغاية ومن ثم التوسع مع تزايد متطلباتهم. 

لا عجب أنهم يقدمون واحدة من أفضل تجارب العملاء للعلامات التجارية العاملة بين الشركات. ويشمل دعمهم الاستباقي استخدام الدردشة الآلية للتواصل مع العملاء والرد على أسئلتهم مباشرة. كما ترحب HubSpot بالمستخدمين وتعرض عليهم منتجاتها المختلفة. ويمكن للعملاء معرفة ما يحتاجون إليه وأين يطرحون أي أسئلة لديهم. الاستثمار في هذه المجالات الثلاثة ينعكس على تجربة العملاء ويزيد من راحتهم.

كيف توفر الراحة للعملاء

فيما يلي ست طرق يمكن تكييفها لتقديم تجربة عملاء مريحة: 

  1. عدم الاحتكاك: الاحتكاك هو عكس الراحة. ومن الأمثلة على ذلك فترات الانتظار الطويلة أو ملء المعلومات المكررة أو تصفح المواقع أو التطبيقات الصعبة وغيرها الكثير! ابحث عن طرق للتخلص من أي شيء مرهق أو يهدر وقت العميل. تذكر أن العملاء الآن أكثر شعوراً وتقديراً لوقتهم مما يجعل الوقت عملة مهمة! 
  2. التكنولوجيا: الاستثمار في التكنولوجيا المناسبة التي يمكنها المساعدة في تقليل الاحتكاك. تعد نماذج الويب التي تملأ بيانات العملاء تلقائياً مثالاً بسيطاً على كيفية تقليل التكنولوجيا للاحتكاك.  
  3. الخدمة الذاتية: وهي تتعلق بمنح للعميل القدرة على التحكم. تعد متاجر الأونلاين تجربة تسوق ذاتية الخدمة. كما أن امتلاك شركة قاعدة بيانات شاملة من الأسئلة المتكررة أو دروس الفيديو هي مثال آخر على الخدمة الذاتية.  
  4. التوصيل: الذهاب إلى العميل في مقابل جعله مضطراً لأن يأتي إليك. أصبح لهذا الأمر أهمية متزايدة خلال الوباء. يؤدي توفير خدمات التوصيل إلى زيادة راحة العملاء. 
  5. الوصول: سهولة التواصل مع الشركة عند الحاجة إلى الدعم. عندما تنشئ العلامات التجارية تطبيقاتها الخاصة للأجهزة المحمولة، فإنها تخلق مساحة أكبر للتواصل المباشر مع عملائها، مما يعزز بدوره العلاقة التي تربط العلامة التجارية بقاعدة عملائها.  
  6. الإنسان والآلة: استفد من الأتمتة، ولكن تأكد من تمكين العملاء من التواصل مع إنسان عند الحاجة إلى ذلك. تتيح هذه المناوبة لموظفي الشركة المشاركة بشكل أكبر عند الحاجة إليهم، وتقديم خدمة أفضل، والحصول على الدعم اللازم من التكنولوجيا في إطار تقديم تجربة سلسة وميسرة.

 

إذا كانت هناك استراتيجية واحدة لتجربة العملاء تميزت خلال العامين الماضيين فهي بالتأكيد الراحة. وتتحقق الراحة من خلال اعتماد هذه التكتيكات الستة. وبمجرد تحقيق الراحة تتحقق توقعات العملاء. 

وتكتسب الشركات التي تدرك هذه الحقيقة ميزة تنافسية رئيسية في سعيها الحثيث إلى تحقيق ولاء عملاء مستمر مدى الحياة. فالمزيد من الولاء يعني احتفاظاً أفضل وبالتالي نمواً أكبر. ولنتذكر هنا أن الشركات التي لا تقصر استجابتها على جيوب عملائها، وتأخذ ساعاتهم أيضاً في الاعتبار، هي الشركات التي سوف تتمتع بخدمة عملائها مدى الحياة. وكلما زادت العلامة التجارية حياة العملاء راحةً بتوفيرها لوقتهم وجهدهم، زاد احتمال أن يقول هؤلاء العملاء “سوف نعود للزيارة مجدداً!”.