تخيل هذا السيناريو: زارت ليلى مطعمك واستمتعت بالطعام، ودفعت الفاتورة، ثم غادرت دون نية للعودة. وذلك لأن الزيارة كانت عملية بحتة من أولها لآخرها، بلا أي تواصل شخصي. ورغم رضاها عن الوجبة، لكن غياب التفاعل جعلها تختار مطاعم أخرى في المرات اللاحقة.
لكن ماذا لو سارت هذه القصة بطريقة مختلفة؟ زارت ليلى مطعمك، تذكرتها الويتر فاطمة ورحبت بها واقترحت طبقًا يناسب ذوقها، فشعرت ليلى بالتقدير، وقررت العودة مجددًا ومعها أصدقاؤها.
الفرق بين الحالتين؟ تفاعل العملاء.
بالنسبة للمطاعم وغيرها من الأعمال التجارية، يعتبر تفاعل العملاء أداة فعالة للحفاظ على اهتمامهم وتحويلهم إلى زبائن دائمين.
في هذا المقال، سنوضح لك ما هو تفاعل العملاء وأهميته، وكيفية الاستفادة منه لتحويل الزوار العابرين إلى عملاء أوفياء.
ما هو تفاعل العملاء؟
ببساطة، تفاعل العملاء هو عملية بناء علاقة عاطفية بين علامتك التجارية وعملائك.
في قطاع المطاعم وغيره من القطاعات، لا يقتصر تفاعل العملاء على خدمة الزبائن وتحصيل الفاتورة، بل يتجاوز ذلك ليشمل خلق تفاعلات إيجابية لا تُنسى تعزز من ولاء العميل وتشجعه على تكرار الزيارة.
ويتطلب ذلك توفير خدمات مُخصصة للزبائن، وتدريب طاقم العمل ليكون مُنتبهًا، ويُقدر العملاء.
ويُمكن تطبيق تفاعل العملاء في معظم القطاعات تقريبًا، ولكنه أكثر شيوعاً في مجالات الأعمال الموجهة للمستهلكين الأفراد (B2C)، مثل المطاعم والمقاهي والمتاجر الإلكترونية وغيرها من متاجر التجزئة.
وتتفاعل العلامات التجارية مع عملائها بعدة طرق، أكثرها شيوعًا هو التواصل عبر الإنترنت مثل التسويق عبر البريد الإلكتروني والرسائل النصية، بالإضافة إلى تجارب التفاعل المباشر داخل المطاعم أو المتاجر.
وتوجد طرق أخرى كالتسويق عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وبرامج ولاء العملاء، وتطبيقات الهاتف المحمول، وتسويق القنوات المتعددة.
لمعرفة المزيد: كيف تصنع برنامج ولاء يتمحور حول العميل
علم النفس وراء تفاعل العملاء
رغم أن مفهوم تفاعل العملاء قد يبدو حديثًا، لكن جوهره يكمُن في الاعتماد على أساسيات علم النفس. ويتلخص في 3 ركائز رئيسية، وهي: الثقة، والتشخيص، والعاطفة مقابل العملية البحتة.
لنوضح هذه النقاط:
- الثقة والألفة: تميل النفس البشرية إلى ما هو مألوف ومريح، فالتجارب الإيجابية المتكررة تبني الثقة، وهو الأمر الذي يزيد من احتمالية عودة الزبائن إلى مكان مألوف وموثوق به مثل مطعمك.
- قوة التشخيص: اهتمامك بالعميل من خلال الإيماءات واللفتات الصغيرة الصادقة وتذكرك له يترك أثرًا عاطفيًا قويًا فيه ويُظهر مدى تقديرك له. هذا النوع من الاهتمام الشخصي يجعل الزبون يشعر بأنه موضع تقدير حقيقي، وليس مجرد صفقة بسيطة.
- الولاء العاطفي مقابل الولاء القائم على المعاملات أو الصفقات: يبني التفاعل الحقيقي روابط عاطفية تتجاوز الولاء المدعوم بالتخفيضات أو مجرد الرضا. ولهذا يعود العملاء مرة أخرى من أجل التجربة الإيجابية وشعورهم بالانتماء والتواصل، وليس فقط من أجل الطعام.
فوائد تفاعل العملاء للمطاعم
الآن، فلنلق نظرة على الأسباب التي تدفعك للاهتمام بتفاعل العملاء في مطعمك أو مقهاك أو مخبزك.
-
تحسين الاحتفاظ بالعملاء
أحد أهم فوائد تفاعل العملاء هو زيادة معدل الاحتفاظ بهم؛ حيث أظهرت الأبحاث أن زيادة الاحتفاظ بالعملاء بنسبة 5% قد تزيد الأرباح بنسبة تتراوح من 25% إلى 95%.
ويظهر الاحتفاظ بالعملاء في عودتهم المستمرة إلى المقهى أو شاحنة الطعام أو المطعم الخاص بك. وإذا كنت تدير عدة فروع، فهذا يدل على حرص الزبائن على زيارة مطعمك أينما كان.
وأفادت الأبحاث أن تكلفة اكتساب العملاء الجدد تفوق بخمس مرات تكلفة الاحتفاظ بالعملاء الحاليين. كما أن البيع للعميل الحالي أسهل وأرخص من البيع لعميل جديد.
-
فرصة لتجربة منتجات جديدة
على الأغلب، العملاء المخلصون هم الأكثر حماسًا لتجربة المنتجات والأطباق والمشروبات الجديدة التي تقدمها.
فإذا قدمت أطباقًا موسمية في قائمة الطعام (المنيو) الخاصة بك، سيكون عملاؤك المتفاعلون أول من يبادر بتجربتها، فهم الأكثر إقبالاً بنسبة 50% لتجربة المنتجات الجديدة، مقارنة بـ 31% فقط من العملاء الجدد.
ويُمكنك أيضًا تعزيز هذه التجربة بطلب تقييماتهم للمنتجات الجديدة أو تشجيعهم على التقاط صور لها ونشرها على وسائل التواصل الاجتماعي.
-
توصيات أفضل وعملاء أكثر
يُعد العملاء المتفاعلون والمخلصون أكثر ميلاً لترشيح مطعمك إلى أصدقائهم وعائلاتهم ومتابعيهم. ويمكنهم المساعدة في تحسين برنامج التوصية الخاص بمطعمك، مما يجلب المزيد من العملاء المميزين إلى مطعمك أو مقهاك.
بالنسبة للعديد من العلامات التجارية، يُعتبر برنامج التوصية جزءًا من برنامج الولاء الخاص بها، يتم من خلاله مكافأة كلا الطرفين بنقاط ومزايا.
-
قيمة عمرية أعلى للعميل
من أبرز الفوائد المهمة الأخرى لتفاعل العملاء أنه يساهم في زيادة القيمة العمرية للعميل (CLV). وتُشير القيمة العمرية للعميل في مجال المطاعم إلى إجمالي الإيرادات التقديرية التي يمكن تحقيقها من عميل واحد طوال فترة تعامله معك.
ويُراعي هذا المقياس معدل إنفاق العملاء في كل زيارة، وعدد مرات زيارتهم، ومدة بقائهم كعملاء. ويساعد فهم القيمة العمرية للعميل المطاعم على إدراك قيمة كل زبون على المدى الطويل، واتخاذ قرارات مدروسة بشأن جهود اكتساب العملاء والاحتفاظ بهم.
-
ميزة تنافسية أقوى
يٌمثل تفاعل العملاء في قطاع المطاعم والمقاهي فرصة للتميز عن منافسيك والبقاء في صدارة اهتمامات عملائك. كما يساعدك في بناء ولاء يتجاوز جودة الطعام، مما يُعزز سمعة المطعم ويدفع العملاء للعودة مرارًا وتكرارًا.
قياس تفاعل العملاء في مطعمك
تتطلب كل استراتيجية مجموعة من مؤشرات الأداء الرئيسية (KPIs) والمقاييس لضمان نجاحها، واستراتيجية تفاعل العملاء ليست استثناءً. إليك 5 من أهم مقاييس تفاعل العملاء التي ينبغي تتبعها:
-
معدل الاحتفاظ بالعملاء
يُعد معدل الاحتفاظ بالعملاء أحد أهم مقاييس تفاعلهم، فهو يقيس نسبة عملائك الذين يواصلون زيارة مطعمك خلال فترة زمنية محددة، عادةً ما تكون عامًا واحدًا.
ويدل معدل الاحتفاظ المرتفع على قوة تفاعل وولاء العملاء، وهو ما يشير إلى قيمة علاقتهم بمطعمك.
-
تكرار الزيارات
يرصد هذا المؤشر عدد مرات عودة الزبائن الحاليين إلى مطعمك أو مقهاك أو عربة الطعام الخاصة بك.
وكلما زاد معدل تكرار الزيارات، زاد مستوى الولاء وعمق تفاعل العملاء. ويُعد هذا مؤشرًا على اختيار العملاء لمطعمك بصفته وجهتهم المفضلة والمنتظمة.
-
صافي نقاط الترويج
يقيس مؤشر صافي نقاط الترويج (NPS) مدى رضا العملاء واستعدادهم للتوصية بمطعمك للآخرين. وكلما كانت درجة النقاط عالية، كان تفاعل وولاء الزبائن قويًا، مما يدل على مساهمة العملاء الراضين في التسويق الشفهي لمطعمك.
-
المشاركة في برامج الولاء
تساهم برامج الولاء في تعزيز تفاعل العملاء. وتساعد متابعة هذه البرامج على معرفة عدد مستخدمي برنامج ولاء مطعمك ومن يتفاعل معه بنشاط.
كما يُعتبر برنامج الولاء مؤشرًا على فعالية المكافآت والحوافز التي يقدمها، مما يشجع العملاء على التفاعل وتكرار الزيارة.
-
التفاعل عبر وسائل التواصل الاجتماعي
تعتمد متابعة ورصد تفاعل العملاء عبر وسائل التواصل الاجتماعي على الإعجابات أو ردود الفعل والتعليقات. وتُعد المشاركات من مؤشرات التفاعل أيضًا، ولكن يجب أن تتذكر أن ليس كل منشور يستحق المشاركة.
ويعكس المستوى العالي من التفاعل مدى صدى محتواك لدى جمهورك، وهو ما يعزز لديهم شعورًا بالانتماء والتواصل يتعدى حدود تجربة تناول طعام في مطعم.
كيف تُحسن تفاعل العملاء في مطعمك؟
الآن، بعد أن أصبحت على دراية بأهمية تفاعل العملاء وكيفية قياسه، إليك بعض النصائح العملية لتعزيز التفاعل في مطعمك أو مقهاك أو أي نشاط تجاري مشابه:
-
درّب طاقم العمل
تأكد من اطلاع طاقم العمل على مفهوم تفاعل العملاء، وكيفية عمله، ودربهم على تقديم تجارب شخصية لا تُنسى من خلال الترحيب الدافئ بالزبائن، والابتسام في وجههم، وذكر اسمهم (إذا كانت البيانات متوفرة).
وعليهم أيضًا أن يجيدوا فن الإنصات للعملاء والتحدث بوضوح معهم عند شرح تفاصيل قائمة الطعام والرد على استفساراتهم.
اقرأ المزيد: أفضل ٨ استراتيجيات لتقديم خدمة عملاء مميزة في مطعمك
-
استخدم التكنولوجيا
تلعب التكنولوجيا دورًا مهمًا في تعزيز تفاعل العملاء بالمطاعم. ومن هذه الوسائل التكنولوجية الفعّالة: نظام إدارة المطاعم (RMS)، ونظام نقاط البيع (POS)، وأدوات إدارة علاقات العملاء (CRM).
ويُفضل استخدام حلول متكاملة قابلة للدمج لتوفير تجربة موحدة للزبون في جميع نقاط التواصل. على سبيل المثال، يُمكن لنظام نقاط البيع في مطعمك عرض تفاصيل مثل الطلبات السابقة للعملاء، والتي يستطيع طاقم العمل استخدامها لتشخيص التجربة حسب شخصية العميل أو تقديم توصية له.
وإذا كان لديك موقعاً إلكترونياً أو تطبيق جوال لمطعمك، فكّر في دمجه مع برنامج الولاء لتقديم تجارب أكثر تناسُبًا مع ذوق العميل الشخصي.
ومثال على ذلك، فودكس التي تستطيع من خلالها دمج نظام إدارة المطاعم مع نقاط البيع، وموقع المطعم الإلكتروني، وتطبيق الهاتف المحمول، وبرنامج الولاء، وكشك الطلب الذاتي، وغيرها.
-
اصنع تجارب فريدة
قد تضم هذه التجارب فعاليات خاصة داخل المطعم، أو لقاء مع الطهاة، أو قوائم طعام تفاعلية. ويمكنك استخدام أدوات تصميم قوائم الطعام وتحديد الأصناف المفضلة لدى العملاء والتوصية بها لهم بطريقة لطيفة دون الحاجة إلى الإلحاح.
-
كن نشطًا على الإنترنت
أخيرًا وليس آخرًا، لا تنسى أهمية تواجدك على الإنترنت وتفاعلك مع العملاء عبر منصات التواصل الاجتماعي، وموقعك الإلكتروني، والتطبيق الخاص بمطعمك، وغيرها من الوسائل الأخرى.
كما يمكنك إنشاء مجتمع خاص بعلامتك التجارية على الإنترنت، وإدارة حملات تسويقية عبر البريد الإلكتروني للمطعم، وغيرها.
الخاتمة
في الختام، تظل أفضل استراتيجيات تفاعل العملاء هي تلك التي ترتكز على شخصية العميل وتعمل باستمرار على بناء علاقات هادفة مع الزبائن تتجاوز المعاملات فقط، فالتفاعل مع العملاء يصنع تجارب مميزة لا تُنسى تدفعهم للعودة لمطعمك مرة بعد أخرى.
وعلى الرغم من هيمنة التكنولوجيا والأتمتة على العديد من القطاعات حول العالم، لا يزال قطاع المطاعم والمقاهي يتمحور بطبيعته حول العنصر البشري. ومع ذلك، يُمكن للمطاعم الاستفادة من التكنولوجيا لتحسين تفاعل العملاء والاحتفاظ بهم.
توفر فودكس نظامًا رائدًا في إدارة المطاعم، حيث نساعد المطاعم والمقاهي على تقديم أفضل تجربة ممكنة من خلال عمليات سلسة وتقارير دقيقة تُمكن أصحاب الأعمال من اختيار أفضل استراتيجيات تفاعل العملاء.